تفسير الآية 42 من سورة يونس من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ۚ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ
سورة يونس : 42القول في تأويل وتفسير قوله تعالى وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 42 من سورة يونس بالمصحف الشريف:
ومن المشركين من يستمع إليك - أيها الرسول - إذا قرأت القرآن استماعًا غير مقرون بقبول وإذعان، أفأنت تقدر على إسماع من سلب السمع؟! فكذلك لن تقدر على هداية هؤلاء الذين صموا عن سماع الحق فلا يعقلونه.
ومِنَ الكفار مَن يسمعون كلامك الحق، وتلاوتك القرآن، ولكنهم لا يهتدون. أفأنت تَقْدر على إسماع الصم؟ فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء إلا أن يشاء الله هدايتهم؛ لأنهم صمٌّ عن سماع الحق، لا يعقلونه.
يخبر تعالى عن بعض المكذبين للرسول، ولما جاء به، و أن {منهم مَنْ يَسْتَمِعُونَ} إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقت قراءته للوحي، لا على وجه الاسترشاد، بل على وجه التفرج والتكذيب وتطلب العثرات، وهذا استماع غير نافع، ولا مُجدٍ على أهله خيرًا، لا جرم انسد عليهم باب التوفيق، وحرموا من فائدة الاستماع، ولهذا قال: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ} وهذا الاستفهام، بمعنى النفي المتقرر، أي: لا تسمع الصم الذين لا يستمعون القول ولو جهرت به، وخصوصًا إذا كان عقلهم معدومًا.
فإذا كان من المحال إسماع الأصم الذي لا يعقل للكلام، فهؤلاء المكذبون، كذلك ممتنع إسماعك إياهم، إسماعًا ينتفعون به.
وأما سماع الحجة، فقد سمعوا ما تقوم عليهم به حجة الله البالغة، فهذا طريق عظيم من طرق العلم قد انسد عليهم، وهو طريق المسموعات المتعلقة بالخير.
فقال : ( ومنهم من يستمعون إليك ) بأسماعهم الظاهرة فلا ينفعهم ، ( أفأنت تسمع الصم ) يريد : سمع القلب ، ( ولو كانوا لا يعقلون ) .
وقوله : ( ومنهم من يستمعون إليك ) أي : يسمعون كلامك الحسن ، والقرآن العظيم ، والأحاديث الصحيحة الفصيحة النافعة في القلوب والأبدان والأديان ، وفي هذا كفاية عظيمة ، ولكن ليس ذلك إليك ولا إليهم ، فإنك لا تقدر على إسماع الأصم - وهو الأطرش - فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء ، إلا أن يشاء الله .
القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ (42)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ومن هؤلاء المشركين من يستمعون إلى قولك ، (أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون) ، يقول: أفأنت تخلق لهم السمع ، ولو كانوا لا سمع لهم يعقلون به، أم أنا؟
وإنما هذا إعلامٌ من الله عبادَه أن التوفيق للإيمان به بيده لا إلى أحد سواه. يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كما أنك لا تقدر أن تسمع ، يا محمد ، من سلبته السمع، فكذلك لا تقدر أن تفهم أمري ونهيي قلبًا سلبته فهم ذلك، لأني ختمتُ عليه أنه لا يؤمن.