يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا

سورة النساء : 174

القول في تأويل وتفسير قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 174 من سورة النساء بالمصحف الشريف:

تفسير المختصر سورة النساء الآية 174

يا أيها الناس قد جاءكم من ربكم حجة جلية تقطع العذر وتزيل الشبهة - وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم -، وأنزلنا إليكم ضياءً واضحًا، وهو هذا القرآن.

تفسير المُيسّر سورة النساء الآية 174

يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم، وهو رسولنا محمد، وما جاء به من البينات والحجج القاطعة، وأعظمها القرآن الكريم، مما يشهد بصدق نبوته ورسالته الخاتمة، وأنزلنا إليكم القرآن هدًى ونورًا مبينًا.

تفسير السعدي سورة النساء الآية 174

يمتن تعالى على سائر الناس بما أوصل إليهم من البراهين القاطعة والأنوار الساطعة، ويقيم عليهم الحجة، ويوضح لهم المحجة، فقال: { يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِن رَّبِّكُمْ } أي: حجج قاطعة على الحق تبينه وتوضحه، وتبين ضده. وهذا يشمل الأدلة العقلية والنقلية، الآيات الأفقية والنفسية { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقّ } وفي قوله: { مِن رَّبِّكُمْ } ما يدل على شرف هذا البرهان وعظمته، حيث كان من ربكم الذي رباكم التربية الدينية والدنيوية، فمن تربيته لكم التي يحمد عليها ويشكر، أن أوصل إليكم البينات، ليهديكم بها إلى الصراط المستقيم، والوصول إلى جنات النعيم. { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا } وهو هذا القرآن العظيم، الذي قد اشتمل على علوم الأولين والآخرين والأخبار الصادقة النافعة، والأمر بكل عدل وإحسان وخير، والنهي عن كل ظلم وشر، فالناس في ظلمة إن لم يستضيئوا بأنواره، وفي شقاء عظيم إن لم يقتبسوا من خيره.

تفسير البغوي سورة النساء الآية 174

قوله عز وجل : ( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم ) يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم ، هذا قول أكثر المفسرين ، وقيل : هو القرآن ، والبرهان : الحجة ، ( وأنزلنا إليكم نورا مبينا ) مبينا يعني القرآن .

تفسير ابن كثير سورة النساء الآية 174

يقول تعالى مخاطبا جميع الناس ومخبرا بأنه قد جاءهم منه برهان عظيم ، وهو الدليل القاطع للعذر ، والحجة المزيلة للشبهة ; ولهذا قال : ( وأنزلنا إليكم نورا مبينا ) أي : ضياء واضحا على الحق ، قال ابن جريج وغيره : وهو القرآن .

تفسير الطبري سورة النساء الآية 174

القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم "، يا أيها الناس من جميع أصناف الملل، يهودِها ونصاراها ومشركيها، الذين قص الله جل ثناؤه قَصَصهم في هذه السورة=" قد جاءكم برهان من ربكم "، يقول: قد جاءتكم حجة من الله تبرهن لكم بُطُولَ ما أنتم عليه مقيمون من أديانكم ومللكم، (22) وهو محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جعله الله عليكم حجة قطع بها عذركم، وأبلغ إليكم في المعذرة بإرساله إليكم، مع تعريفه إياكم صحة نبوته، وتحقيق رسالته=" وأنـزلنا إليكم نورًا مبينًا "، يقول: وأنـزلنا إليكم معه " نورًا مبينًا "، يعني: يبين لكم المحجَّة الواضحة، والسبل الهادية إلى ما فيه لكم النجاة من عذاب الله وأليم عقابه، إن سلكتموها واستنرتم بضوئه. (23)
وذلك " النور المبين "، هو القرآن الذي أنـزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
10858- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " برهان من ربكم "، قال: حجة.
10859- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
10860- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم "، أي: بينة من ربكم=" وأنـزلنا إليكم نورًا مبينًا "، وهو هذا القرآن.
10861- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " قد جاءكم برهان من ربكم "، يقول: حجة.
10862- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " برهان "، قال: بينة=" وأنـزلنا إليكم نورًا مبينًا "، قال: القرآن.
--------------------
الهوامش :
(22) انظر تفسير"البرهان" فيما سلف 2 : 509.
(23) انظر تفسير"مبين" فيما سلف ص : 360 ، تعليق : 5 ، والمراجع هناك.