تفسير الآية 68 من سورة يوسف من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ۚ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
سورة يوسف : 68القول في تأويل وتفسير قوله تعالى وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 68 من سورة يوسف بالمصحف الشريف:
فارتحلوا ومعهم أخوه الشقيق، ولما دخلوا من أبواب متفرقة كما أمرهم أبوهم ما كان يدفع عنهم دخولهم من أبواب متفرقة شيئًا مما قدره الله عليهم، إنما هي شفقة يعقوب على أولاده، أظهرها، ووصاهم بها، وهو يعلم أن لا قضاء إلا قضاء الله، فهو عالم بما علَّمناه من الإيمان بالقدر والأخذ بالأسباب، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك.
ولما دخلوا من أبواب متفرقة كما أمرهم أبوهم، ما كان ذلك ليدفع قضاء الله عنهم، ولكن كان شفقة في نفس يعقوب عليهم أن تصيبهم العين، وإن يعقوب لصاحب علمٍ عظيم بأمر دينه علَّمه الله له وحْيًا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون عواقب الأمور ودقائق الأشياء، وما يعلمه يعقوب -عليه السلام- مِن أمر دينه.
{ وَلَمَّا } ذهبوا و { دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ } ذلك الفعل { يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا } وهو موجب الشفقة والمحبة للأولاد، فحصل له في ذلك نوع طمأنينة، وقضاء لما في خاطره.
وليس هذا قصورا في علمه، فإنه من الرسل الكرام والعلماء الربانيين، ولهذا قال عنه: { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ } أي: لصاحب علم عظيم { لِمَا عَلَّمْنَاهُ } أي: لتعليمنا إياه، لا بحوله وقوته أدركه، بل بفضل الله وتعليمه، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } عواقب الأمور ودقائق الأشياء وكذلك أهل العلم منهم، يخفى عليهم من العلم وأحكامه ولوازمه شيء كثير.
( ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ) أي : من الأبواب المتفرقة . وقيل : كانت المدينة مدينة الفرماء ولها أربعة أبواب ، فدخلوها من أبوابها ( ما كان يغني ) يدفع ( عنهم من الله من شيء ) صدق الله تعالى يعقوب فيما قال ( إلا حاجة ) مرادا ( في نفس يعقوب قضاها ) أشفق عليهم إشفاق الآباء على أبنائهم وجرى الأمر عليه ( وإنه ) يعني : يعقوب عليه السلام ( لذو علم ) يعني : كان يعمل ما يعمل عن علم لا عن جهل ( لما علمناه ) أي : لتعليمنا إياه . وقيل : إنه لعامل بما علم .
قال سفيان : من لا يعمل بما يعلم لا يكون عالما . وقيل : وإنه لذو حفظ لما علمناه .
( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ما يعلم يعقوب لأنهم لم يسلكوا طريق إصابة العلم . وقال ابن عباس : لا يعلم المشركون ما ألهم الله أولياءه .
قالوا : هي دفع إصابة العين لهم ، ( وإنه لذو علم لما علمناه ) قال قتادة والثوري : لذو عمل بعلمه . وقال ابن جرير : لذو علم لتعليمنا إياه ، ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (68)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما دخل ولد يعقوب (من حيث أمرهم أبوهم، وذلك دخولهم مصر من أبواب متفرقة ، (ما كان يغني) ، دخولهم إياها كذلك ، (عنهم) من قضاء الله الذي قضاه فيهم فحتمه ,(من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) ، إلا أنهم قضوا وطرًا ليعقوب بدخولهم لا من طريق واحد خوفًا من العين عليهم , فاطمأنت نفسه أن يكونوا أوتوا من قبل ذلك أو نالهم من أجله مكروه . كما:-
19495- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) ، خيفة العين على بنيه.
19496- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .
19497- ... قال: أخبرنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .
19498- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا ابن نمير , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) ، قال: خشية العين عليهم.
19499- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قوله: (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) ، قال: ما تخوَّف على بنيه من أعين الناس لهيأتهم وعِدّتهم.
* * *
وقوله: (وإنه لذو علم لما علمناه) ، يقولُ تعالى ذكره: وإن يعقوب لذو علم لتعليمنا إياه .
* * *
وقيل: معناه وإنه لذو حفظٍ لما استودعنا صدره من العلم .
* * *
واختلف عن قتادة في ذلك:
19500- فحدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (وإنه لذو علم لما علمناه) : أي: مما علمناه.
19501- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير , عن سفيان , عن ابن أبي عروبة عن قتادة: (وإنه لذو علم لما علمناه) ، قال: إنه لعامل بما عَلم.
19502- ... قال: المثنى قال إسحاق قال عبد الله قال سفيان: (إنه لذو علم)، مما علمناه. وقال: من لا يعمل لا يكون عالمًا.
* * *
، (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ، يقول جل ثناؤه: ولكن كثيرًا من الناس غير يعقوب , لا يعلمون ما يعلمه , لأنَّا حَرَمناه ذلك فلم يعلمه .