قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ

سورة يوسف : 17

القول في تأويل وتفسير قوله تعالى قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 17 من سورة يوسف بالمصحف الشريف:

تفسير المختصر سورة يوسف الآية 17

قالوا: يا أبانا، إنا ذهبنا نتسابق على الأرجل ونترامى بالنبال، وتركنا يوسف عند ثيابنا وأَزْوَادنا ليحفظها، فأكله الذئب، ولست بمصدّق لنا، وإن كنا في الواقع صادقين فيما أخبرناك به.

تفسير المُيسّر سورة يوسف الآية 17

قالوا: يا أبانا إنا ذهبنا نتسابق في الجَرْي والرمي بالسهام، وتركنا يوسف عند زادنا وثيابنا، فلم نقصِّر في حفظه، بل تركناه في مأمننا، وما فارقناه إلا وقتًا يسيرًا، فأكله الذئب، وما أنت بمصدِّق لنا ولو كنا موصوفين بالصدق؛ لشدة حبك ليوسف.

تفسير السعدي سورة يوسف الآية 17

فقالوا - متعذرين بعذر كاذب - { يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ } إما على الأقدام، أو بالرمي والنضال، { وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا } توفيرا له وراحة. { فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ } في حال غيبتنا عنه في استباقنا { وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } أي: تعذرنا بهذا العذر، والظاهر أنك لا تصدقنا لما في قلبك من الحزن على يوسف، والرقة الشديدة عليه.

تفسير البغوي سورة يوسف الآية 17

( قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق ) أي : نترامى وننتضل ، وقال السدي : نشتد على أقدامنا . ( وتركنا يوسف عند متاعنا ) أي : عند ثيابنا وأقمشتنا . ( فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ) بمصدق لنا ( ولو كنا ) وإن كنا ( صادقين ) .
فإن قيل : كيف قالوا ليعقوب أنت لا تصدق الصادق ؟ .
قيل : معناه إنك تتهمنا في هذا الأمر لأنك خفتنا في الابتداء واتهمتنا في حقه .
وقيل : معناه لا تصدقنا لأنه لا دليل لنا على صدقنا وإن كنا صادقين عند الله .

تفسير ابن كثير سورة يوسف الآية 17

وقالوا معتذرين عما وقع فيما زعموا : ( إنا ذهبنا نستبق ) أي : نترامى ، ( وتركنا يوسف عند متاعنا ) أي : ثيابنا وأمتعتنا ، ( فأكله الذئب ) وهو الذي كان [ قد ] جزع منه ، وحذر عليه .
وقولهم : ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) تلطف عظيم في تقرير ما يحاولونه ، يقولون : ونحن نعلم أنك لا تصدقنا - والحالة هذه - لو كنا عندك صادقين ، فكيف وأنت تتهمنا في ذلك ، لأنك خشيت أن يأكله الذئب ، فأكله الذئب ، فأنت معذور في تكذيبك لنا; لغرابة ما وقع وعجيب ما اتفق لنا في أمرنا هذا .

تفسير الطبري سورة يوسف الآية 17

قالوا: ( يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب) ! فبكى الشيخ وصاح بأعلى صوته، وقال: أين القميص؟ فجاءوه بالقميص عليه دمٌ كذب ، فأخذ القميص فطرحه على وجهه ، ثم بكى حتى تخضَّب وجهه من دم القميص.
* * *
وقوله: (وما أنت بمؤمن لنا) ، يقولون: وما أنت بمصدّقنا على قِيلنا: إن يوسف أكله الذئب، ولو كنا صادقين! كما:-
18842 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: (وما أنت بمؤمن لنا) قال: بمصدق لنا!
.......................................................................................
......................................................................................
......................................................................................
* * *
[ فإن قال قائل : ( ولو كنا صادقين ) وقوله ]: (9) (ولو كنا صادقين) ، إما خبرٌ عنهم أنهم غير صادقين ، فذلك تكذيب منهم أنفسَهم ، أو خبرٌ منهم عن أبيهم أنه لا يصدِّقهم لو صدَقوه، فقد علمت أنهم لو صَدَقوا أباهم الخبرَ صَدَّقهم؟
قيل: ليس معنى ذلك بواحد منهما ، وإنما معنى ذلك: وما أنت بمصدِّق لنا ولو كنا من أهل الصدق الذين لا يُتَّهمون، لسوء ظنك بنا، وتُهمَتك لنا.
----------------------
الهوامش:
(9) هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها حتى يستقيم الكلام ، وظني أنه سقط من كلام الطبري شيء ، فلذلك وضعت قبله أسطرًا من النقط ، لأني أرى أنه لم يتم تفسير الآية على عادته في كل ما سلف .