تفسير الآية 1 من سورة يوسف من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ
سورة يوسف : 1القول في تأويل وتفسير قوله تعالى الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 1 من سورة يوسف بالمصحف الشريف:
﴿الٓر﴾ سبق الكلام عليها وعلى نظائرها في بداية سورة البقرة. هذه الآيات التي أنزلت في هذه السورة من آيات القرآن الواضح فيما اشتمل عليه.
(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
يخبر تعالى أن آيات القرآن هي { آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ْ} أي: البين الواضحة ألفاظه ومعانيه.
( سورة يوسف عليه السلام مكية )
( الر تلك آيات الكتاب المبين ) أي : البين حلاله وحرامه ، وحدوده وأحكامه . قال قتادة : مبين - والله - بركته وهداه ورشده ، فهذا من بان أي : ظهر .
وقال الزجاج : مبين الحق من الباطل ، والحلال من الحرام ، فهذا من أبان بمعنى أظهر .
تفسير سورة يوسف [ وهي مكية ]
روى الثعلبي وغيره ، من طريق سلام بن سليم - ويقال : سليم - المدائني ، وهو متروك ، عن هارون بن كثير - وقد نص على جهالته أبو حاتم - عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن أبي أمامة ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " علموا أرقاءكم سورة يوسف ، فإنه أيما مسلم تلاها ، أو علمها أهله ، أو ما ملكت يمينه ، هون الله عليه سكرات الموت ، وأعطاه من القوة ألا يحسد مسلما " .
وهذا من هذا الوجه لا يصح ، لضعف إسناده بالكلية . وقد ساقه له الحافظ ابن عساكر متابعا من طريق القاسم بن الحكم ، عن هارون بن كثير ، به ، ومن طريق شبابة ، عن مخلد بن عبد الواحد البصري عن علي بن زيد بن جدعان ، وعن عطاء بن أبي ميمونة ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر نحوه وهو منكر من سائر طرقه .
وروى البيهقي في " الدلائل " أن طائفة من اليهود حين سمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلو هذه السورة أسلموا لموافقتها ما عندهم . وهو من رواية الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس .
أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة " البقرة " .
وقوله : ( تلك آيات الكتاب ) أي : هذه آيات الكتاب ، وهو القرآن ، ( المبين ) أي : الواضح الجلي ، الذي يفصح عن الأشياء المبهمة ويفسرها ويبينها .
القول في تأويل قوله تعالى : الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)
قال أبو جعفر محمد بن جرير: قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في تأويل قوله: (الر تلك آيات الكتاب)، والقول الذي نختاره في تأويل ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته ههنا. (16)
* * *
وأما قوله: (تلك آيات الكتاب المبين) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فقال بعضهم: معناه: (تلك آيات الكتاب المبين): بَيَّن حلاله وحرامه ، ورشده وهُداه .
ذكر من قال ذلك:
18768 حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال: حدثنا الوليد بن سلمة الفلسطيني ، قال: أخبرني عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه ، في قول الله تعالى: (الر تلك آيات الكتاب المبين) ، قال: بيَّن حلاله وحرامه. (17)
18769 حدثنا بشر ، قال، حدثنا يزيد ، قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله: (الر تلك آيات الكتاب المبين) ، إي والله، لمبينٌ، بيَّن الله هداه ورشده. (18)
18770 حدثنا الحسن بن يحيى ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله: (الر تلك آيات الكتاب المبين) ، قال: بين الله رشده وهداه.
* * *
وقال آخرون في ذلك ما:
18771 حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال: حدثنا الوليد بن سلمة ، قال: حدثنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ أنه قال في قول الله عز وجل: (الكتاب المبين) قال بيَّن الحروف التي سقطت عن ألسن الأعاجم وهي ستة أحرف. (19)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: معناه: هذه آيات الكتاب المبين ، لمن تلاه وتدبَّر ما فيه من حلاله وحرامه ونهيه وسائر ما حواه من صنوف معانيه ; لأن الله جل ثناؤه أخبر أنه " مبين " ، ولم يخصَّ إبانته عن بعض ما فيه دون جميعه ، فذلك على جميعه ، إذ كان جميعه مبينًا عمَّا فيه .
----------------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير " الأمة " فيما سلف ص : 353 تعليق : 4 ، والمراجع هناك .
(2) الأثر : 18716 - " الحسن بن واصل " ، لم أجد له ذكرًا ، وأخشى أن يكون فيه تحريف . وأن يكون صوابه : " الحسن ، عن واصل " ، وكأنه يعني : " واصل بن عبد الرحمن " " أبا حرة " ، وهو يروي عن الحسن ، مضى برقم : 6385 ، 11496 ، 12616 .
(3) انظر تفسير " الجن " فيما سلف 1 : 502 - 508 .
(4) انظر تفسير " القصص " فيما سلف ص : 470 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(5) انظر تفسير " النبأ " فيما سلف من فهارس اللغة ( نبأ ) .
(6) انظر تفسير " التثبيت " فيما سلف 5 : 354 ، 531 / 7 : 272 ، 237 / 8 : 529 / 13 : 427 .
(7) انظر ما سلف في حكم " كل " 6 : 210 ، ثم تفسير " كل " فيما سلف ص : 212 ، وفهارس اللغة مادة ( كلل ) .
(8) الزيادة بين القوسين ، أرجو أن تكون هي الصواب .
(9) انظر تفسير " الموعظة " فيما سلف ص : 104 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(10) انظر تفسير " المكانة " فيما سلف ص : 463 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(11) انظر تفسير " الغيب " فيما سلف 14 : 381 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(12) انظر تفسير " التوكل " فيما سلف ص : 168 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(13) انظر تفسير " الغفلة " فيما سلف ص : 198 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(14) الأثر : 18767 - مضى الخبر بتمامه فيما سلف برقم : 13043 ، ومن طريق أخرى بمثله ، رقم : 13042 .
(15) في المخطوطة بعد هذا ، ما نصه :
" يتلوه تفسير السورة التي يذكر فيها يوسف وهو آخر المجلَّد الثاني عشر الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم " .
(16) انظر ما سلف ص : 9 - 12 .
(17) الأثر : 18768 -" الوليد بن سلمة الفلسطيني الأردني" قاضي الأردن ، كذاب ، يضع الأحاديث على الثقات . مترجم في ابن أبي حاتم 4 / 2 / 6 ، وميزان الاعتدال 3 : 271 ، ولسان الميزان 6 : 222 . و" عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر" ، ضعيف جدًا ، وقال سفيان : كذاب ، قال أحمد :" لم يسمع من أبيه ، ليس بشيء" . مضى برقم : 636 .
(18) في المطبوعة :" تركيبه" ، وفي المخطوطة :" برليه" واستظهرت الصواب من الذي يليه .
(19) الأثر : 18771 -" الوليد بن سلمة الفلسطيني" ، كذاب ، سلف برقم : 18768 . " وثور بن يزيد الكلاعي" ، ثقة صحيح الحديث ، مضى برقم : 3196 . " وخالد بن معدان بن أبي كريب الكلاعي" ، تابعي ثقة ، روى له الجماعة مضى برقم : 2070 ، 9224. وهذا خبر آفته الوليد بن سلمة .