تفسير الآية 69 من سورة مريم من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَٰنِ عِتِيًّا
سورة مريم : 69القول في تأويل وتفسير قوله تعالى ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَٰنِ عِتِيًّا، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 69 من سورة مريم بالمصحف الشريف:
ثم لنجذبنّ بشدة وعنف من كل طائفة من طوائف الضلال أشدهم عصيانًا، وهم قادتهم.
ثم لنأخذنَّ مِن كل طائفة أشدَّهم تمردًا وعصيانًا لله، فنبدأ بعذابهم.
{ ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا } أي: ثم لننزعن من كل طائفة وفرقة من الظالمين المشتركين في الظلم والكفر والعتو أشدهم عتوا، وأعظمهم ظلما، وأكبرهم كفرا، فيقدمهم إلى العذاب، ثم هكذا يقدم إلى العذاب، الأغلظ إثما، فالأغلظ وهم في تلك الحال متلاعنون، يلعن بعضهم بعضا، ويقول أخراهم لأولاهم: { رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ* وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ } وكل هذا تابع لعدله وحكمته وعلمه الواسع
( ثم لننزعن ) لنخرجن ( من كل شيعة ) أي : من كل أمة وأهل دين من الكفار ( أيهم أشد على الرحمن عتيا ) عتوا ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني جرأة . وقال مجاهد : فجورا ، يريد : الأعتى فالأعتى .
وقال الكلبي : قائدهم ورأسهم في الشر ، يريد أنه يقدم في إدخال من هو أكبر جرما وأشد كفرا .
في بعض الآثار : أنهم يحشرون جميعا حول جهنم مسلسلين مغلولين ثم يقدم الأكفر فالأكفر .
ورفع ( أيهم ) على معنى : الذي يقال لهم : أيهم أشد على الرحمن عتيا .
وقيل : على الاستئناف ثم لننزعن [ يعمل في موضع " من كل شيعة " ] .
وقوله : ( ثم لننزعن من كل شيعة ) يعني : من كل أمة قاله مجاهد ، ( أيهم أشد على الرحمن عتيا ) .
قال الثوري ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي الأحوص ، عن ابن مسعود قال : يحبس الأول على الآخر ، حتى إذا تكاملت العدة ، أتاهم جميعا ، ثم بدأ بالأكابر ، فالأكابر جرما ، وهو قوله : ( ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ) .
وقال قتادة : ( ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ) قال : ثم لننزعن من أهل كل دين قادتهم ورؤساءهم في الشر . وكذا قال ابن جريج ، وغير واحد من السلف . وهذا كقوله تعالى : ( حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ) [ الأعراف : 38 ، 39 ]
يقول تعالى ذكره: ثم لنأخذن من كلّ جماعة منهم أشدّهم على الله عتوّا، وتمرّدًا فلنبدأنّ بهم.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عليّ بن الأقمر، عن أبي الأحوص ( ثُمَّ لَنَنـزعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ) قال: نبدأ بالأكابر فالأكابر جرما.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( ثُمَّ لَنَنـزعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ) يقول: أيهم أشدّ للرحمن معصية، وهي معصيته في الشرك.
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ) يقول: عصيا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ ) قال: أمة. وقوله (عِتِيًّا) قال: كفرا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله، وزاد فيه ابن جريج: فلنبدأنّ بهم.
قال أبو جعفر: والشيعة هم الجماعة المتعاونون على الأمر من الأمور، يقال من ذلك: تشايع القوم: إذا تعاونوا; ومنه قولهم للرجل الشجاع: إنه لمشيع: أي معان، فمعنى الكلام: ثم لننـزعن من كل جماعة تشايعت على الكفر بالله، أشدّهم على الله عتوّا، فلنبدأنّ بإصلائه جهنم. والتشايع في غير هذا الموضع: التفرّق; ومنه قول الله عزّ ذكره: وَكَانُوا شِيَعًا يعني: فرقا; ومنه قول ابن مسعود أو سعد ؛ إني أكره أن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: شيَّعت بين أمتي، بمعنى: فرّقت.