تفسير الآية 67 من سورة مريم من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا
سورة مريم : 67القول في تأويل وتفسير قوله تعالى أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 67 من سورة مريم بالمصحف الشريف:
أَوَلا يتذكر هذا المنكر للبعث أنا خلقناه من قبل ولم يكن شيئًا؟! فيستدلّ بالخلق الأول على الخلق الثاني، مع أن الخلق الثاني أسهل وأيسر.
كيف نسي هذا الإنسان الكافر نفسه؟ أولا يَذْكُر أنا خلقناه أول مرة، ولم يكُ شيئًا موجودًا؟
ذكر تعالى برهانا قاطعا، ودليلا واضحا، يعرفه كل أحد على إمكان البعث فقال: { أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا } أي: أو لا يلفت نظره، ويستذكر حالته الأولى، وأن الله خلقه أول مرة، ولم يك شيئا، فمن قدر على خلقه من العدم، ولم يكن شيئا، مذكورا، أليس بقادر على إنشائه بعد ما تمزق، وجمعه بعد ما تفرق؟ وهذا كقوله: { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ }
وفي قوله: { أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ } دعوة للنظر، بالدليل العقلي، بألطف خطاب، وأن إنكار من أنكر ذلك، مبني على غفلة منه عن حاله الأولى، وإلا فلو تذكرها وأحضرها في ذهنه، لم ينكر ذلك.
قال الله عز وجل ( أولا يذكر ) أي يتذكر ويتفكر وقرأ نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب " يذكر " خفيفا ( الإنسان ) يعني : أبي بن خلف ( أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ) أي : لا يتفكر هذا الجاحد في بدء خلقه فيستدل به على الإعادة ثم أقسم بنفسه فقال :
يستدل ، تعالى ، بالبداءة على الإعادة ، يعني أنه تعالى قد خلق الإنسان ولم يك شيئا ، أفلا يعيده وقد صار شيئا ، كما قال تعالى : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] ، وفي الصحيح : " يقول الله تعالى : كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني ، وآذاني ابن آدم ولم يكن له أن يؤذيني ، أما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من آخره ، وأما أذاه إياي فقوله : إن لي ولدا ، وأنا الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " .
يقول الله تعالى ذكره: ( أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ ) المتعجب من ذلك المنكر قدرة الله على إحيائه بعد فنائه، وإيجاده بعد عدمه في خلق نفسه، أن الله خلقه من قبل مماته، فأنشأه بشرًّا سويا من غير شيء ( وَلَمْ يَكُ ) من قبل إنشائه إياه (شَيْئًا) فيعتبر بذلك ويعلم أن من أنشأه من غير شيء لا يعجز عن إحيائه بعد مماته، وإيجاده بعد فنائه.
وقد اختلفت القراء في قراءة قوله: ( أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ ) فقرأه بعض قرّاء المدينة والكوفة ( أَوَلا يَذْكُرُ ) بتخفيف الذال، وقد قرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة والحجاز ( أولا يَذَّكَّرُ) بتشديد الذال والكاف، بمعنى: أولا يتذكر، والتشديد أعجب إليّ، وإن كانت الأخرى جائزة ، لأن معنى ذلك: أولا يتفكر فيعتبر.