تفسير الآية 56 من سورة مريم من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا
سورة مريم : 56القول في تأويل وتفسير قوله تعالى وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 56 من سورة مريم بالمصحف الشريف:
واذكر - أيها الرسول - في القرآن المنزل عليك خبر إدريس عليه السلام، إنه كان كثير الصدق والتصديق بآيات ربه، وكان نبيًّا من أنبياء الله.
واذكر - أيها الرسول - في هذا القرآن خبر إدريس عليه السلام، إنه كان عظيم الصدق في قوله وعمله، نبيًا يوحى إليه.
أي: اذكر في الكتب على وجه التعظيم والإجلال، والوصف بصفات الكمال. { إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا } جمع الله له بين الصديقية، الجامعة للتصديق التام، والعلم الكامل، واليقين الثابت، والعمل الصالح، وبين اصطفائه لوحيه، واختياره لرسالته.
قوله عز وجل ( واذكر في الكتاب إدريس ) وهو جد أبي نوح واسمه " أخنوخ " سمي إدريس لكثرة درسه الكتب . وكان خياطا وهو أول من خط بالقلم ، وأول من خاط الثياب ، ولبس المخيط ، وكانوا من قبله يلبسون الجلود ، وأول من اتخذ السلاح ، وقاتل الكفار وأول من نظر في علم النجوم والحساب ، ( إنه كان صديقا نبيا )
وهذا ذكر إدريس ، عليه السلام ، بالثناء عليه ، بأنه كان صديقا نبيا ، وأن الله رفعه مكانا عليا . وقد تقدم في الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به في ليلة الإسراء وهو في السماء الرابعة .
وقد روى ابن جرير هاهنا أثرا غريبا عجيبا ، فقال : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني جرير بن حازم ، عن سليمان الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن هلال بن يساف قال : سأل ابن عباس كعبا ، وأنا حاضر ، فقال له : ما قول الله - عز وجل - لإدريس : ( ورفعناه مكانا عليا ) فقال كعب : أما إدريس فإن الله أوحى إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل جميع بني آدم ، فأحب أن يزداد عملا فأتاه خليل له من الملائكة فقال : إن الله أوحى إلي كذا وكذا ، فكلم لي ملك الموت ، فليؤخرني حتى أزداد عملا فحمله بين جناحيه ، حتى صعد به إلى السماء ، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم ملك الموت منحدرا ، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس ، فقال : وأين إدريس ؟ فقال : هو ذا على ظهري . قال ملك الموت : فالعجب! بعثت وقيل لي : اقبض روح إدريس في السماء الرابعة " . فجعلت أقول : كيف أقبض روحه في السماء الرابعة ، وهو في الأرض ؟ فقبض روحه هناك ،
يقول تعالى ذكره: واذكر يا محمد في كتابنا هذا إدريس ( إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا ) لا يقول الكذب، (نَبِيًّا) نوحي إليه من أمرنا ما نشاء.( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) يعني به إلى مكان ذي علوّ وارتفاع. وقال بعضهم: رُفع إلى السماء السادسة.وقال آخرون: الرابعة.
* ذكر الرواية بذلك: حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال : أخبرني جرير بن حازم، عن سليمان الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف، قال: سأل ابن عباس كعبا وأنا حاضر، فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) قال كعب: أما إدريس، فإن الله أوحى إليه: إني رافع لك كلّ يوم مثل عمل جميع بني آدم، فأحبّ أن تزداد عملا فأتاه خليل له من الملائكة، فقال: إن الله أوحى إليّ كذا وكذا، فكلم لي ملك الموت، فليؤخرني حتى أزداد عملا فحمله بين جناحيه، ثم صعد به إلى السماء; فلما كان في السماء الرابعة، تلقاهم ملك الموت منحدرا، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس ، فقال: وأين إدريس؟ فقال: هو ذا على ظهري، قال ملك الموت: فالعجب بعثت أقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟ فقبض روحه هناك، فذلك قول الله تبارك وتعالى ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ).