تفسير الآية 32 من سورة إبراهيم من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ
سورة إبراهيم : 32القول في تأويل وتفسير قوله تعالى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 32 من سورة إبراهيم بالمصحف الشريف:
الله الذي أنشأ السماوات وأنشأ الأرض على غير مثال سابق، وأنزل من السماء ماء المطر، فأخرج بذلك الماء المنزل من أصناف الثمار رزقًا لكم - أيها الناس - وذلَّل لكم السفن تجري على الماء وفق تقديره، وذلَّل لكم الأنهار لتشربوا منها، وتسقوا أنعامكم وزروعكم.
الله تعالى الذي خلق السموات والأرض وأوجدهما من العدم، وأنزل المطر من السحاب فأحيا به الأرض بعد موتها، وأخرج لكم منها أرزاقكم، وذلَّل لكم السفن؛ لتسير في البحر بأمره لمنافعكم، وذلَّل لكم الأنهار لسقياكم وسقيا دوابكم وزروعكم وسائر منافعكم.
يخبر تعالى: أنه وحده { الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } على اتساعهما وعظمهما، { وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً } وهو: المطر الذي ينزله الله من السحاب، { فَأَخْرَجَ } بذلك الماء { مِنَ الثَّمَرَاتِ } المختلفة الأنواع { رِزْقًا لَكُمْ } ورزقا لأنعامكم { وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ } أي: السفن والمراكب.
{ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } فهو الذي يسر لكم صنعتها وأقدركم عليها، وحفظها على تيار الماء لتحملكم، وتحمل تجاراتكم، وأمتعتكم إلى بلد تقصدونه.
{ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ } لتسقي حروثكم وأشجاركم وتشربوا منها.
( الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار ) ذللها لكم ، تجرونها حيث شئتم .
يعدد تعالى نعمه على خلقه ، بأن خلق لهم السماوات سقفا محفوظا والأرض فراشا ، وأنزل من السماء ماء فأخرج به أزواجا من نبات شتى ، ما بين ثمار وزروع ، مختلفة الألوان والأشكال ، والطعوم والروائح والمنافع ، وسخر الفلك بأن جعلها طافية على تيار ماء البحر ، تجري عليه بأمر الله تعالى ، وسخر البحر يحملها ليقطع المسافرون بها من إقليم إلى إقليم آخر ، لجلب ما هنا إلى هناك ، وما هناك إلى هاهنا ، وسخر الأنهار تشق الأرض من قطر إلى قطر ، رزقا للعباد من شرب وسقي وغير ذلك من أنواع المنافع .
يقول تعالى ذكره اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وفعل الأفعال التي وصف ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ) يتعاقبان عليكم أيها الناس بالليل والنهار ، لصلاح أنفسكم ومعاشكم (دَائِبَيْنِ) في اختلافهما عليكم. وقيل: معناه: أنهما دائبان في طاعة الله.
حدثنا خلف بن واصل ، عن رجل ، عن مقاتل بن حيان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ) قال: دءوبهما في طاعة الله.
وقوله ( وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) يختلفان عليكم باعتقاب ، إذا ذهب هذا جاء هذا بمنافعكم وصلاح أسبابكم ، فهذا لكم لتصرّفكم فيه لمعاشكم ، وهذا لكم للسكن تسكنون فيه ، ورحمة منه بكم.