تفسير الآية 91 من سورة هود من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ
سورة هود : 91القول في تأويل وتفسير قوله تعالى قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 91 من سورة هود بالمصحف الشريف:
قال قوم شعيب لشعيب: يا شعيب، ما نفهم كثيرًا مما جئت به، وإنا لنراك فينا ذا ضعف لما أصاب عينيك من ضعف أو عمى، ولولا أنَّ عشيرتك على ملتنا لقتلناك بالرمي بالحجارة، ولست علينا بعزيز حتى نهاب قتلك، وإنما تركنا قتلك احترامًا لعشيرتك.
قالوا: يا شعيب ما نفقه كثيرًا مما تقول، وإننا لَنراك فينا ضعيفًا لست من الكبراء ولا من الرؤساء، ولولا مراعاة عشيرتك لقتلناك رَجْما بالحجارة -وكان رهطه من أهل ملتهم-، وليس لك قَدْر واحترام في نفوسنا.
{ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ ْ} أي: تضجروا من نصائحه ومواعظه لهم، فقالوا: { ما نفقه كثيرا مما تقول ْ} وذلك لبغضهم لما يقول, ونفرتهم عنه.
{ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ْ} أي: في نفسك، لست من الكبار والرؤساء بل من المستضعفين.
{ وَلَوْلَا رَهْطُكَ ْ} أي: جماعتك وقبيلتك { لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ْ} أي: ليس لك قدر في صدورنا، ولا احترام في أنفسنا، وإنما احترمنا قبيلتك، بتركنا إياك.
( قالوا يا شعيب ما نفقه ) ما نفهم ، ( كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ) وذلك أنه كان ضرير البصر ، فأرادوا ضعف البصر ، ( ولولا رهطك ) عشيرتك وكان في منعة من قومه ، ( لرجمناك ) لقتلناك . والرجم : أقبح القتل . ( وما أنت علينا ) عندنا ، ( بعزيز ) .
يقولون : ( ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول ) أي : ما نفهم ولا نعقل كثيرا من قولك ، وفي آذاننا وقر ، ومن بيننا وبينك حجاب . ( وإنا لنراك فينا ضعيفا ) .
قال سعيد بن جبير ، والثوري : كان ضرير البصر . قال الثوري : وكان يقال له : خطيب الأنبياء .
[ وقال السدي : ( وإنا لنراك فينا ضعيفا ) قال : أنت واحد ] .
[ وقال أبو روق : ( وإنا لنراك فينا ضعيفا ) يعنون : ذليلا; لأن عشيرتك ليسوا على دينك ، فأنت ذليل ضعيف ] .
( ولولا رهطك ) أي : قومك وعشيرتك; لولا معزة قومك علينا لرجمناك ، قيل بالحجارة ، وقيل : لسببناك ، ( وما أنت علينا بعزيز ) أي : ليس لك عندنا معزة .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال قوم شعيب لشعيب: (يا شعيب ما نفقه كثيرًا مما تقول)، أي : ما نعلم حقيقة كثير مما تقول وتخبرنا به (3) ، ( وإنا لنراك فينا ضعيفًا) .
* * *
ذُكِر أنه كان ضريرًا، فلذلك قالوا له: (إنا لنراك فينا ضعيفًا).
* * *
*ذكر من قال ذلك :
18507- حدثني عبد الأعلى بن واصل قال ، حدثنا أسد بن زيد الجصاص قال، أخبرنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله: (وإنا لنراك فينا ضعيفًا)، قال: كان أعمى. (4)
18508- حدثنا عباس بن أبي طالب قال، حدثني إبراهيم بن مهدي المصيصي قال ، حدثنا خلف بن خليفة، عن سفيان، عن سعيد، مثله.
18509- حدثنا أحمد بن الوليد الرملي قال ، حدثنا إبراهيم بن زياد وإسحاق بن المنذر، وعبد الملك بن زيد قالوا، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد، مثله. (5)
18510- . . . . قال، حدثنا عمرو بن عون ومحمد بن الصباح قالا سمعنا شريكًا يقول في قوله: (وإنا لنراك فينا ضعيفًا) ، قال: أعمى.
18511- حدثنا سعدويه قال ، حدثنا عباد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، مثله. (6)
18512- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا سفيان قوله: (وإنا لنراك فينا ضعيفًا) ، قال: كان ضعيف البصر ، قال سفيان: وكان يقال له : " خطيب الأنبياء "
18513-. . . . قال، حدثنا الحماني قال ، حدثنا عباد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد: (وإنا لنراك فينا ضعيفًا) ، قال: كان ضرير البصر.
* * *
، وقوله: (ولولا رهطك لرجمناك) ، يقول: يقولون: ولولا أنك في عشيرتك وقومك ، (لرجمناك)، يعنون: لسببناك. (7)
* * *
وقال بعضهم: معناه لقتلناك.
*ذكر من قال ذلك:
18514- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ولولا رهطك لرجمناك) ، قال: قالوا: لولا أن نتقي قومك ورهطك لرجمناك.
* * *
وقوله : (وما أنت علينا بعزيز)، يعنون: ما أنت ممن يكرَّم علينا، فيعظمُ علينا إذلاله وهوانه، بل ذلك علينا هيّن. (8)
-------------------
الهوامش :
(3) انظر تفسير " الفقه " فيما سلف 14 : 582 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(4) الأثر : 18507 - " أسد بن زيد الجصاص " ، لم أجد له ذكرا . وإنما يذكرون : " أسيد بن زيد بن نجيح الجمال " ، وهو الذي يروي عن شريك ، ويروي عنه أبو كريب وطبقته من شيوخ أبي جعفر الطبري ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 16 وأبي حاتم 1 / 1 / 318 ، وميزان الاعتدال 1 : 119 . ولكن هذا " الجمال " ، وذاك " الجصاص " ، فلا أدري من يكون هذا الذي ذكره أبو جعفر .
(5) الأثر : 18509 - " عبد الملك بن يزيد " ، هكذا هو في المخطوطة ، كما أثبته ، وفي المطبوعة : " عبد الملك بن زيد " ، غير ما في المخطوطة . ولم أعرف من يكون " عبد الملك بن يزيد " أو " ابن زيد " ، الذي يروي عن شريك ؟
(6) الأثر : 18511 - " سعدويه ، الضبي الواسطي " ، هو " سعيد بن سليمان " ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 611 ، 2168 ، 11996 ، 13809 ( ج 12 : 585 ، تعليق : 1 ) . " وسعدويه " ، يروي عن شريك ، ولكنه يروي أيضًا عن عباد بن العوام ، فروى عن شريك هنا بالواسطة .
(7) في المطبوعة والمخطوطة : " لولا أنت في عشيرتك " ، وأرجح أن الصواب ما أثبت .
(8) انظر تفسير " عزيز " فيما سلف من فهارس اللغة ( عزز ) .