تفسير الآية 73 من سورة هود من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
سورة هود : 73القول في تأويل وتفسير قوله تعالى قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 73 من سورة هود بالمصحف الشريف:
قالت الملائكة لسارة لمَّا تعجبت من البشرى: أتعجبين من قضاء الله وقدره؟ فمثلك لا يخفى عليه أن الله قادر على مثل هذا، رحمة الله وبركاته عليكم - يا أهل بيت إبراهيم - إن الله حميد في صفاته وأفعاله، ذو مجد ورفعة.
قالت الرسل لها: أتعجبين من أمر الله وقضائه؟ رحمة الله وبركاته عليكم معشر أهل بيت النبوة. إنه سبحانه وتعالى حميد الصفات والأفعال، ذو مَجْد وعظمة فيها.
{ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } فإن أمره لا عجب فيه، لنفوذ مشيئته التامة في كل شيء، فلا يستغرب على قدرته شيء، وخصوصا فيما يدبره ويمضيه، لأهل هذا البيت المبارك.
{ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ } أي: لا تزال رحمته وإحسانه وبركاته، وهي: الزيادة من خيره وإحسانه، وحلول الخير الإلهي على العبد { عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } أي: حميد الصفات، لأن صفاته صفات كمال، حميد الأفعال لأن أفعاله إحسان، وجود، وبر، وحكمة، وعدل، وقسط.
مجيد، والمجد: هو عظمة الصفات وسعتها، فله صفات الكمال، وله من كل صفة كمال أكملها وأتمها وأعمها.
( قالوا ) يعني الملائكة ، ( أتعجبين من أمر الله ) معناه : لا تعجبي من أمر الله ، فإن الله عز وجل إذا أراد شيئا كان . ( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ) أي : بيت إبراهيم عليه السلام . قيل : هذا على معنى الدعاء من الملائكة ، وقيل : معنى الخير والرحمة والنعمة . والبركات جمع البركة ، وهي ثبوت الخير . وفيه دليل على أن الأزواج من أهل البيت .
( إنه حميد مجيد ) فالحميد : المحمود في أفعاله ، والمجيد : الكريم ، وأصل المجد الرفعة .
( قالوا أتعجبين من أمر الله ) أي : قالت الملائكة لها ، لا تعجبي من أمر الله ، فإنه إذا أراد شيئا أن يقول له : " كن " فيكون ، فلا تعجبي من هذا ، وإن كنت عجوزا [ كبيرة ] عقيما ، وبعلك [ وهو زوجها الخليل عليه السلام ، وإن كان ] شيخا كبيرا ، فإن الله على ما يشاء قدير .
( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) أي : هو الحميد في جميع أفعاله وأقواله محمود ، ممجد في صفاته وذاته; ولهذا ثبت في الصحيحين أنهم قالوا : قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله ؟ قال : قولوا : " اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على [ إبراهيم و ] آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .
(قالوا أتعجبين من أمر الله) ، يقول الله تعالى ذكره: قالت الرسل لها: أتعجبين من أمرٍ أمر الله به أن يكون ، وقضاء قضاه الله فيك وفي بعلك.
* * *
، وقوله: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت)، يقول: رحمة الله وسعادته لكم أهل بيت إبراهيم (4) ، وجعلت الألف واللام خلفًا من الإضافة ، وقوله: (إنه حَميدٌ مجيد)، يقول: إن الله محمود في تفضله عليكم بما تفضل به من النعم عليكم وعلى سائر خلقه (5) ، (مجيد) ، يقول: ذو مجد ومَدْح وَثَناء كريم.
* * *
يقال في " فعل " منه: " مجد الرجل يمجد مجادة " إذا صار كذلك، وإذا أردت أنك مدحته قلت: " مجّدته تمجيدًا ".
-----------------------------
الهوامش :
(4) انظر تفسير " البركات " فيما سلف من فهارس اللغة ( برك ) .
(5) انظر تفسير " الحميد " فيما سلف 5 : 570 / 9 : 296 .