تفسير الآية 106 من سورة هود من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ
سورة هود : 106القول في تأويل وتفسير قوله تعالى فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 106 من سورة هود بالمصحف الشريف:
فأما الأشقياء لكفرهم وفساد أعمالهم فيدخلون في النار، ترتفع فيها أصواتهم وأنفاسهم من شدة ما يعانون من لهيبها.
فأما الذين شَقُوا في الدنيا لفساد عقيدتهم وسوء أعمالهم، فالنار مستقرهم، لهم فيها من شدة ما هم فيه من العذاب زفير وشهيق، وهما أشنع الأصوات وأقبحها، ماكثين في النار أبدًا ما دامت السموات والأرض، فلا ينقطع عذابهم ولا ينتهي، بل هو دائم مؤكَّد، إلا ما شاء ربك من إخراج عصاة الموحدين بعد مدَّة من مكثهم في النار. إن ربك -أيها الرسول- فعَّال لما يريد.
وأما جزاؤهم { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا ْ} أي: حصلت لهم الشقاوة، والخزي والفضيحة، { فَفِي النَّارِ ْ} منغمسون في عذابها، مشتد عليهم عقابها، { لَهُمْ فِيهَا ْ} من شدة ما هم فيه { زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ْ} وهو أشنع الأصوات وأقبحها.
قوله : ( فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : الزفير : الصوت الشديد ، والشهيق الصوت الضعيف . وقال الضحاك ومقاتل : الزفير أول نهيق الحمار ، والشهيق آخره إذا ردده في جوفه . وقال أبو العالية : الزفير في الحلق والشهيق في الصدر .
يقول تعالى : ( لهم فيها زفير وشهيق ) قال ابن عباس : الزفير في الحلق ، والشهيق في الصدر أي : تنفسهم زفير ، وأخذهم النفس شهيق ، لما هم فيه من العذاب ، عياذا بالله من ذلك .
يقول: تعالى ذكره: ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ ) ، وهو أوّل نُهاق الحمار وشبهه ، ( وَشَهِيقٌ ) ، وهو آخر نهيقه إذا ردده في الجوف عند فراغه من نُهاقه، كما قال رؤبة بن العجاج:
حَشْـرَجَ فِـي الجَوْفِ سَحِيلا أَوْ شَهَقْ
حَــتَّى يُقَــالَ نَـاهِقٌ وَمَـا نَهَـقْ (18)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك :
18567- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: ( لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) ، يقول: صوت شديدٌ وصوت ضعيف.
18568-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن أبي العالية في قوله: ( لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) ، قال: " الزفير " في الحلق، و " الشهيق " في الصدر.
18569- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية ، بنحوه.
18570- حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة قال: صوت الكافر في النار صوت الحمار، أوّله زفير وآخره شهيق
18571- حدثنا أبو هشام الرفاعي ، ومحمد بن معمر البحراني ، ومحمد بن المثني ، ومحمد بن بشار قالوا، حدثنا أبو عامر قال ، حدثنا سليمان بن سفيان قال ، حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر عن عمر قال، لما نـزلت هذه الآية : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) ، سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبيّ الله، فعلام عَمَلُنا؟ على شيء قد فرغ منه ، أم على شيء لم يفرغ منه؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على شيء قد فُرِغ منه ، يا عمر ، وجرت به الأقلام، ولكن كلٌّ مُيَسَّر لما خُلق له ، اللفظ لحديث ابن معمر. (19)
-----------------------
الهوامش :
(19) الأثر : 15871 " سليمان بن سفيان التميمي " ، ضعيف ، منكر الحديث ، يروي عن الثقات أحاديث مناكير . مترجم في التهذيب ، والكبير 2 / 2 / 18 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 119 ، وميزان الاعتدال 1 : 415 . وهذا خبر ضعيف الإسناد ، ذكره ابن كثير في تفسيره 4 : 395 ، عن مسند أبي يعلي ، وذكره الحافظ الذهبي في الميزان ، بإسناده ، عن أبي عامر العقدي . لكن معنى الخبر له شواهد في الصحيح .