بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ

سورة الصافات : 12

القول في تأويل وتفسير قوله تعالى بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 12 من سورة الصافات بالمصحف الشريف:

تفسير المختصر سورة الصافات الآية 12

بل عجبتَ - يا محمد - من قدرة الله وتدبيره لشؤون خلقه، وعجبتَ من تكذيب المشركين بالبعث، وهؤلاء المشركون من شدة تكذيبهم بالبعث يسخرون مما تقول بشأنه.

تفسير المُيسّر سورة الصافات الآية 12

بل عجبتَ -أيها الرسول- من تكذيبهم وإنكارهم البعث، وأعجب من إنكارهم وأبلغ أنهم يستهزئون بك، ويسخرون من قولك.

تفسير السعدي سورة الصافات الآية 12

{ بَلْ عَجِبْتَ } يا أيها الرسول وأيها الإنسان، من تكذيب من كذب بالبعث، بعد أن أريتهم من الآيات العظيمة والأدلة المستقيمة، وهو حقيقة محل عجب واستغراب، لأنه مما لا يقبل الإنكار، { و } أعجب من إنكارهم وأبلغ منه، أنهم { يَسْخَرُونَ } ممن جاء بالخبر عن البعث، فلم يكفهم مجرد الإنكار، حتى زادوا السخرية بالقول الحق.

تفسير البغوي سورة الصافات الآية 12

( بل عجبت ) قرأ حمزة ، والكسائي : بضم التاء ، وهي قراءة ابن مسعود ، وابن عباس . والعجب من الله - عز وجل - ليس كالتعجب من الآدميين ، كما قال : " فيسخرون منهم سخر الله منهم " ( التوبة - 79 ) ، وقال عز وجل : " نسوا الله فنسيهم " ( التوبة - 67 ) ، فالعجب من الآدميين : إنكاره وتعظيمه ، والعجب من الله - تعالى - قد يكون بمعنى الإنكار والذم ، وقد يكون بمعنى الاستحسان والرضا كما جاء في الحديث : " عجب ربكم من شاب ليست له صبوة " .
وجاء في الحديث : " عجب ربكم من سؤالكم وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم "
وسئل الجنيد عن هذه الآية فقال : إن الله لا يعجب من شيء ، ولكن الله وافق رسوله لما عجب رسوله فقال : " وإن تعجب فعجب قولهم " ( الرعد - 5 ) أي : هو كما تقوله .
وقرأ الآخرون بفتح التاء على خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : أي : عجبت من تكذيبهم إياك ، ) ( ويسخرون ) من تعجبك .
قال قتادة : عجب النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا القرآن حين أنزل وضلال بني آدم ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يظن أن كل من يسمع القرآن يؤمن به ، فلما سمع المشركون القرآن سخروا منه ولم يؤمنوا به ، فعجب من ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال الله تعالى : " بل عجبت ويسخرون " .

تفسير ابن كثير سورة الصافات الآية 12

وقوله : ( بل عجبت ويسخرون ) أي : بل عجبت - يا محمد - من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث ، وأنت موقن مصدق بما أخبر الله به من الأمر العجيب ، وهو إعادة الأجسام بعد فنائها . وهم بخلاف أمرك ، من شدة تكذيبهم يسخرون مما تقول لهم من ذلك .قال قتادة : عجب محمد - صلى الله عليه وسلم - وسخر ضلال بني آدم .

تفسير الطبري سورة الصافات الآية 12

قوله ( بل عجبت ويسخرون ) اختلفت القراء فى قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الكوفة : ( بل عجبت ويسخرون ) بضم التاء من عجبت ، بمعنى : بل عظم [ ص: 23 ] عندي وكبر اتخاذهم لي شريكا ، وتكذيبهم تنزيلي وهم يسخرون . وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة ( بل عجبت ) بفتح التاء بمعنى : بل عجبت أنت يا محمد ويسخرون من هذا القرآن .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
فإن قال قائل : وكيف يكون مصيبا القارئ بهما مع اختلاف معنييهما ؟ قيل : إنهما وإن اختلف معنياهما فكل واحد من معنييه صحيح ، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل ، وسخر منه أهل الشرك بالله ، وقد عجب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في الله ، وسخر المشركون بما قالوه .
فإن قال : أكان التنزيل بإحداهما أو بكلتيهما ؟ قيل : التنزيل بكلتيهما . فإن قال : وكيف يكون تنزيل حرف مرتين ؟ قيل : إنه لم ينزل مرتين ، إنما أنزل مرة ، ولكنه أمر - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ بالقراءتين كلتيهما ، ولهذا موضع سنستقصي إن شاء الله فيه البيان عنه بما فيه الكفاية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( بل عجبت ويسخرون ) قال : عجب محمد عليه الصلاة والسلام من هذا القرآن حين أعطيه ، وسخر منه أهل الضلالة .