فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ

سورة الروم : 60

القول في تأويل وتفسير قوله تعالى فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 60 من سورة الروم بالمصحف الشريف:

تفسير المختصر سورة الروم الآية 60

فاصبر - أيها الرسول - على تكذيب قومك لك، إن وعد الله لك بالنصر والتمكين ثابت لا مرية فيه، ولا يدفعك الذين لا يوقنون بأنهم مبعوثون، إلى الاستعجال وترك الصبر.

تفسير المُيسّر سورة الروم الآية 60

فاصبر -أيها الرسول- على ما ينالك مِن أذى قومك وتكذيبهم لك، إن ما وعدك الله به من نصر وتمكين وثواب حق لا شك فيه، ولا يستفزَّنَّك عن دينك الذين لا يوقنون بالميعاد، ولا يصدِّقون بالبعث والجزاء.

تفسير السعدي سورة الروم الآية 60

{ فَاصْبِرْ } على ما أمرت به وعلى دعوتهم إلى اللّه، ولو رأيت منهم إعراضا فلا يصدنك ذلك.
{ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } أي: لا شك فيه وهذا مما يعين على الصبر فإن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع بل سيجده كاملا هان عليه ما يلقاه من المكاره ويسر عليه كل عسير واستقل من عمله كل كثير.
{ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } أي: قد ضعف إيمانهم وقل يقينهم فخفت لذلك أحلامهم وقل صبرهم، فإياك أن يستخفك هؤلاء فإنك إن لم تجعلهم منك على بال وتحذر منهم وإلا استخفوك وحملوك على عدم الثبات على الأوامر والنواهي، والنفس تساعدهم على هذا وتطلب التشبه والموافقة وهذا مما يدل على أن كل مؤمن موقن رزين العقل يسهل عليه الصبر، وكل ضعيف اليقين ضعيف [العقل] خفيفه.
فالأول بمنزلة اللب والآخر بمنزلة القشور فاللّه المستعان.

تفسير البغوي سورة الروم الآية 60

( فاصبر إن وعد الله حق ) في نصرتك وإظهارك على عدوك ( ولا يستخفنك ) لا يستجهلنك ، معناه : لا يحملنك الذين لا يوقنون على الجهل واتباعهم في الغي . وقيل : لا يستخفن رأيك وحلمك ( الذين لا يوقنون ) بالبعث والحساب .

تفسير ابن كثير سورة الروم الآية 60

( كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون فاصبر إن وعد الله حق ) أي : اصبر على مخالفتهم وعنادهم ، فإن الله تعالى منجز لك ما وعدك من نصره إياك ، وجعله العاقبة لك ولمن اتبعك في الدنيا والآخرة ، ( ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ) أي : بل اثبت على ما بعثك الله به ، فإنه الحق الذي لا مرية فيه ، ولا تعدل عنه وليس فيما سواه هدى يتبع ، بل الحق كله منحصر فيه .
قال سعيد عن قتادة : نادى رجل من الخوارج عليا ، رضي الله عنه ، وهو في الصلاة - صلاة الغداة - فقال : ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) [ الزمر : 65 ] ، فأنصت له علي حتى فهم ما قال ، فأجابه وهو في الصلاة : ( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ) . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم . وقد رواه ابن جرير من وجه آخر فقال :
حدثنا ابن وكيع ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن عثمان بن أبي زرعة ، عن علي بن ربيعة قال : نادى رجل من الخوارج عليا وهو في صلاة الفجر ، فقال : ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) ، فأجابه علي وهو في الصلاة : ( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ) .
طريق أخرى : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شريك ، عن عمران بن ظبيان ، عن أبي تحيا قال : صلى علي رضي الله عنه ، صلاة الفجر ، فناداه رجل من الخوارج : ( لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) ، فأجابه علي ، وهو في الصلاة : ( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ) .
[ ما روي في فضل هذه السورة الشريفة ، واستحباب قراءتها في الفجر ] :
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، سمعت شبيبا - أبا روح - يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح ، فقرأ فيها الروم فأوهم ، فقال : " إنه يلبس علينا القرآن ، فإن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء ، فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء " .
وهذا إسناد حسن ومتن حسن وفيه سر عجيب ، ونبأ غريب ، وهو أنه ، عليه السلام تأثر بنقصان وضوء من ائتم به ، فدل ذلك أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام .
[ آخر تفسير سورة " الروم " ] .

تفسير الطبري سورة الروم الآية 60

القول في تأويل قوله تعالى : فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (60)
يقول تعالى ذكره: فاصبر يا محمد لما ينالك من أذاهم، وبلِّغهم رسالة ربك، فإن وعد الله الذي وعدك من النصر عليهم، والظفر بهم، وتمكينك وتمكين أصحابك وتُبَّاعك في الأرض حقّ(وَلا يسْتَخِفَّنَّك الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) يقول: ولا يستخفنّ حلمك ورأيك هؤلاء المشركون بالله الذين لا يوقنون بالمعاد ولا يصدّقون بالبعث بعد الممات، فيثبطوك عن أمر الله والنفوذ لما كلَّفك من تبليغهم رسالته.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سعيد بن جُبَير، عن عليّ بن ربيعة، أن رجلا من الخوارج، قرأ خلف عليّ رضي الله عنه : لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ فقال عليّ: ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ).
قال: ثنا يحيى بن آدم، عن شريك، عن عثمان بن أبي زرعة عن عليّ بن ربيعة قال: نادى رجل من الخوارج عليا رضي الله عنه، وهو في صلاة الفجر، فقال: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ فأجابه عليّ رضي الله عنه وهو في الصلاة: ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ) قال: قال رجل من الخوارج خلف عليّ في صلاة الغداة: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ فأنصت له عليّ رضي الله عنه حتى فهم ما قال؛ فأجابه وهو في الصلاة: ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ).
آخر تفسير سورة الروم.