تفسير الآية 16 من سورة آل عمران من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
سورة آل عمران : 16القول في تأويل وتفسير قوله تعالى الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 16 من سورة آل عمران بالمصحف الشريف:
أهل الجنة هؤلاء هم الذين يقولون في دعائهم لربهم: ربنا إننا آمنا بك، وبما أنزلت على رسلك، واتبعنا شريعتك؛ فَاغْفِرْ لنا ما ارتكبنا من ذنوب، وجنِّبنا عذاب النار.
هؤلاء العباد المتقون يقولون: إننا آمنا بك، واتبعنا رسولك محمدًا صلى الله عليه وسلم، فامْحُ عنا ما اقترفناه من ذنوب، ونجنا من عذاب النار.
{ ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار } توسلوا بمنة الله عليهم بتوفيقهم للإيمان أن يغفر لهم ذنوبهم ويقيهم شر آثارها وهو عذاب النار، ثم فصل أوصاف التقوى.
الذين يقولون ) إن شئت جعلت محل الذين خفضا ردا على قوله ( للذين اتقوا ) وإن شئت جعلته رفعا على الابتداء ، ويحتمل أن يكون نصبا تقديره أعني الذين يقولون ( ربنا إننا آمنا ) صدقنا ( فاغفر لنا ذنوبنا ) استرها علينا وتجاوز عنا ( وقنا عذاب النار )
يصف تعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل ، فقال تعالى : ( الذين يقولون ربنا إننا آمنا ) أي : بك وبكتابك وبرسولك ( فاغفر لنا ذنوبنا ) أي بإيماننا بك وبما شرعته لنا فاغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا من أمرنا بفضلك ورحمتك ( وقنا عذاب النار )
القول في تأويل قوله : الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)
قال أبو جعفر: ومعنى ذلك. قل هل أنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا، [الذين] يقولون: " ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ".
* * *
وقد يحتمل " الذين يقولون "، وجهين من الإعراب: الخفض على الردّ على " الذين " الأولى، والرفع على الابتداء، إذ كان في مبتدأ آية أخرى غير التي فيها " الذين " الأولى، فيكون رفعها نظير قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ [سورة التوبة: 111]، ثم قال في مبتدأ الآية التي بعدها: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ [سورة التوبة: 112]. ولو كان جاء ذلك مخفوضًا كان جائزًا. (1)
* * *
ومعنى قوله: " الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا ": الذين يقولون: إننا صدّقنا بك وبنبيك وما جاء به من عندك =" فاغفر لنا ذنوبنا "، يقول: فاستر علينا ذنوبنا، بعفوك عنها، وتركك عقوبتنا عليها =" وقنا عذاب النار "، ادفع عنا عذابك إيانا بالنار أن تعذبنا بها. وإنما معنى ذلك: لا تعذبنا يا ربنا بالنار.
وإنما خصّوا المسألةَ بأن يقيهم عذاب النار، لأن من زُحزح يومئذ عن النار فقد فاز بالنجاة من عذاب الله وحسن مآبه.
* * *
وأصل قوله: " قنا " من قول القائل: " وقى الله فلانًا كذا "، يراد: دفع عنه،" فهو يقيه ". فإذا سأل بذلك سائلٌ قال: " قِنِى كذا ". (2)
----------------------------------
الهوامش :
(1) انظر معاني القرآن للفراء 1: 198.
(2) انظر تفسير"قنا" و"وقى" فيما سلف 4: 206.