تفسير الآية 5 من سورة الأنعام من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
سورة الأنعام : 5القول في تأويل وتفسير قوله تعالى فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 5 من سورة الأنعام بالمصحف الشريف:
وهم إن أعرضوا عن تلك الحجج الواضحة والبراهين الجلية فقد أعرضوا عما هو أوضح، فقد كَذَّبُوا بما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم من القرآن، وسيعرفون أن ما كانوا يستهزئون به مما جاءهم به هو الحق حين يرون العذاب يوم القيامة.
لقد جحد هؤلاء الكفار الحقَّ الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم وسخروا من دعائه؛ جهلا منهم بالله واغترارًا بإمهاله إياهم، فسوف يرون ما استهزءوا به أنه الحق والصدق، ويبين الله للمكذبين كذبهم وافتراءهم، ويجازيهم عليه.
{ فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ } والحق حقه أن يتبع، ويشكر الله على تيسيره لهم، وإتيانهم به، فقابلوه بضد ما يجب مقابلته به فاستحقوا العقاب الشديد. { فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي: فسوف يرون ما استهزأوا به، أنه الحق والصدق، ويبين الله للمكذبين كذبهم وافتراءهم، وكانوا يستهزئون بالبعث والجنة والنار، فإذا كان يوم القيامة قيل للمكذبين: { هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } وقال تعالى: { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ }
( فقد كذبوا بالحق ) بالقرآن ، وقيل : بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ( لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ) أي : أخبار استهزائهم وجزاؤه ، أي : سيعلمون عاقبة استهزائهم إذا عذبوا .
قال الله تعالى : ( فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ) وهذا تهديد لهم ووعيد شديد على تكذيبهم بالحق ، بأنه لا بد أن يأتيهم خبر ما هم فيه من التكذيب ، وليجدن غبه ، وليذوقن وباله .
القول في تأويل قوله : فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (5)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فقد كذب هؤلاء العادلون بالله، الحقَّ لما جاءهم, وذلك " الحق "، هو محمد صلى الله عليه وسلم (18) كذّبوا به, وجحدوا نبوَّته لما جاءهم. قال الله لهم متوعّدًا على تكذيبهم إياه وجحودِهم نبوَّته: سوف يأتي المكذّبين بك، يا محمد، من قومِك وغيرهم =" أنْباء ما كانوا به يستهزئون " ، يقول: سوف يأتيهم أخبارُ استهزائهم بما كانوا به يستهزئون من آياتي وأدلَّتي التي آتيتهم . (19) ثم وفى لهم بوعيده لمّا تمادَوا في غيِّهم، وعَتْوا على ربهم, فقتلتهم يوم بدرٍ بالسَّيف .
------------------
الهوامش :
(18) انظر تفسير"الحق" فيما سلف 10: 377 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
(19) انظر تفسير"النبأ" فيما سلف 10: 391 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
= وتفسير"الاستهزاء" فيما سلف 1: 301 - 303.