تفسير الآية 45 من سورة الأنعام من القرآن الكريم، تتضمن تفاسير لعدة مفسرين مشهورين مثل تفسير المختصر, تفسير المُيسّر, تفسير السعدي, تفسير البغوي, تفسير ابن كثير, تفسير الطبري.
فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
سورة الأنعام : 45القول في تأويل وتفسير قوله تعالى فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 45 من سورة الأنعام بالمصحف الشريف:
فَقُطِع آخر أهل الكفر باستئصالهم جميعًا بالإهلاك، ونَصْرِ رسل الله، والشكرُ والثناءُ لله وحده رب العالمين على إهلاكه أعداءه ونصره أولياءه.
فاستؤصل هؤلاء القوم وأُهلكوا إذ كفروا بالله وكذَّبوا رسله، فلم يبق منهم أحد. والشكر والثناء لله تعالى -خالق كل شيء ومالكه- على نصرة أوليائه وهلاك أعدائه.
{ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا } أي اصطلموا بالعذاب، وتقطعت بهم الأسباب. { وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } على ما قضاه وقدره، من هلاك المكذبين. فإن بذلك، تتبين آياته، وإكرامه لأوليائه، وإهانته لأعدائه، وصدق ما جاءت به المرسلون.
( فقطع دابر القوم الذين ظلموا ) أي : آخرهم [ الذين بدبرهم ، يقال : دبر فلان القوم يدبرهم دبرا ودبورا إذا كان آخرهم ] ومعناه أنهم استؤصلوا بالعذاب فلم يبق منهم باقية ، ( والحمد لله رب العالمين ) حمد الله نفسه على أن قطع دابرهم لأنه نعمة على الرسل ، فذكر الحمد لله تعليما لهم ولمن آمن بهم ، أن يحمدوا الله على كفايته شر الظالمين ، وليحمد محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ربهم إذا أهلك المكذبين .
( حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) كما قال : ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين )
القول في تأويل قوله : فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فقطع دابر القوم الذين ظلموا "، فاستؤصل القوم الذين عَتَوا على ربهم، وكذّبوا رسله، وخالفوا أمره، عن آخرهم, فلم يترك منهم أحد إلا أهلك بغتةً إذ جاءهم عذاب الله.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
13242 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فقطع دابر القوم الذين ظلموا "، يقول: قُطع أصل الذين ظلموا.
13243 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " فقطع دابر القوم الذين ظلموا "، قال: استؤصلوا.
* * *
و " دابر القوم "، الذي يدبرُهم, وهو الذي يكون في أدبارهم وآخرهم. يقال في الكلام: " قد دَبَر القومَ فلانٌ يدبُرُهم دَبْرًا ودبورًا "، إذا كان آخرهم, ومنه قول أمية:
فَــاُهْلِكُوا بِعَــذَابٍ حَـصَّ دَابِـرَهُمْ
فَمَـا اسْتَطَاعُوا لَهُ صَرْفًا وَلا انْتَصَرُوا (1)
* * *
=" والحمد لله رب العالمين "، يقول: والثناء الكامل والشكر التام =" لله رب العالمين "، على إنعامه على رسله وأهل طاعته, (2) بإظهار حججهم على من خالفهم من أهل الكفر, وتحقيق عِدَاتِهم ما وَعدوهم على كفرهم بالله وتكذيبهم رسله (3) = من نقم الله وعاجل عذابه. (4)
----------------------
الهوامش :
(1) ديوانه: 32 ، من أبيات يحكى فيها صفة الموقف في يوم الحشر. يقال: "حص الشعر" ، إذا حلقه ، لم يبق منه شيئًا.
(2) انظر تفسير"الحمد" ، و"رب العالمين" فيما سلف في سورة الفاتحة.
(3) في المطبوعة: "وتحقيق عدتهم ما وعدهم" ، وفي المخطوطة: "عداتهم ما وعدوهم" ، وصواب قراءة ذلك كله ما أثبته.
(4) السياق: " . . . ما وعدوهم . . . من نقم الله وعاجل عذابه".