وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

سورة الأنعام : 105

القول في تأويل وتفسير قوله تعالى وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، لأشهر المفسرين نضع بين أيديكم تفسير الآية 105 من سورة الأنعام بالمصحف الشريف:

تفسير المختصر سورة الأنعام الآية 105

وكما نَوَّعنا الأدلة والبراهين على قدرة الله نُنَوِّع الآيات في الوعد والوعيد والوعظ، وسيقول المشركون: ليس هذا وحيًا، وإنما دَرَسْتَهُ عن أهل الكتاب من قبلك. ولنُبيِّن الحق للناس بتنويعنا لهذه الآيات للمؤمنين من أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، فهم الذين يقبلون الحق، ويتبعونه.

تفسير المُيسّر سورة الأنعام الآية 105

وكما بيَّنَّا في هذا القرآن للمشركين البراهين الظاهرة في أمر التوحيد والنبوة والمعاد نبيِّن لهم البراهين في كل ما جهلوه فيقولون عند ذلك كذبًا: تعلمت من أهل الكتاب، ولنبين -بتصريفنا الآيات- الحقَّ لقوم يعلمونه، فيقبلونه ويتبعونه، وهم المؤمنون برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه.

تفسير السعدي سورة الأنعام الآية 105

قوله تعالى " وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ " الكاف في موضع نصب صفة للمصدر المحذوف, أي: نصرف الآيات تصريفا, مثل ما تلونا عليك.
والتصريف معناه: التنويع.
والمراد: أن الله تعالى, ينوع الآيات الدالة على المعاني الرائعة, الكاشفة عن الحقائق الفائقة, لا تصريفا أدنى منه, بل تصريفا بلغت في الروعة مبلغا ارتقى عن إدراك المخلوقين.
قوله تعالى " وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ " جوابه محذوف, تقديره " ونحن نصرفها " أو نفعل ما نفعل من التصريف المذكور [معنى درست] تعلمت.
وقرأت كتب أهل الكتاب أي: قدمت هذة الآية ومضت.
كما قالوا: أساطير الأولين, تلقاها ممن مضوا من أهل الكتاب من الأمم السابقة.
" وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ " علة لفعل قد حذف, تعويلا على دلالة السياق عليه.
أي, وليقولوا: درست نفعل ما نفعل, من التصريف المذكور.
واللام للعاقبة والصيرورة, والواو اعتراضية.
أي: لتصير عاقبة أمرهم إلى أن يقولوا درست وهو كقوله تعالى.
" فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا " وهم لم يلتقطوه للعداوة وإنما التقطوه, ليصير لهم قرة عين, ولكن صارت عاقبة أمرهم إلى العداوة.
وكذلك الآيات, صرفت للتبيين, ولم تصرف ليقولوا: درست.
ولكن حصل هذا القول بتصريف الآيات كما حصل التبيين, فشبه به.
وقوله تعالى " وَلِنُبَيِّنَهُ " أي: القرآن, وإن لم يجر له ذكر, لكونه معلوما, أو الآيات, لأنها في معنى القرآن.
" لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " الحق من الباطل.
ومجمل معنى الآية: ومثل هذا التنويع البديع في عرض الدلائل الكونية, نعرض آياتنا في القرآن منوعة مفصلة, لنقيم الحجة بها على الجاحدين, فلا يجدوا الاختلاق والكذب, فيتهموك بأنك تعلمت من الناس, لا من الله, ولنبين ما أنزل إليك من الحقائق, من غير تأثر بهوى, لقوم يدركون الحق, ويذعنون له.

تفسير البغوي سورة الأنعام الآية 105

( وكذلك نصرف الآيات ) نفصلها ونبينها في كل وجه ، ( وليقولوا ) قيل : معناه لئلا يقولوا ، ( درست ) وقيل : هذه اللام لام العاقبة أي عاقبة أمرهم أن يقولوا : درست ، أي : قرأت على غيرك ، وقيل : قرأت كتب أهل الكتاب ، كقوله تعالى : ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) ، ( القصص ، 8 ) ، ومعلوم أنهم لم يلتقطوه لذلك ، ولكن أراد أن عاقبة أمرهم أن كان عدوا لهم .
قال ابن عباس : وليقولوا يعني : أهل مكة حين تقرأ عليهم القرآن درست ، أي : تعلمت من يسار وجبر ، كانا عبدين من سبي الروم ، ثم قرأت علينا تزعم أنه من عند الله ، من قولهم : درست الكتاب أدرس درسا ودراسة .
وقال الفراء : يقولون تعلمت من اليهود ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : " دارست " بالألف ، [ أي : قارأت أهل الكتاب من المدارسة بين اثنين ، تقول : ] قرأت عليهم وقرأوا عليك . وقرأ ابن عامر ويعقوب : " درست " بفتح السين وسكون التاء ، أي : هذه الأخبار التي تتلوها علينا قديمة ، قد درست وانمحت ، من قولهم : درس الأثر يدرس دروسا . ( ولنبينه لقوم يعلمون ) قال ابن عباس : يريد أولياءه الذين هداهم إلى سبيل الرشاد ، وقيل : يعني أن تصريف الآيات ليشقى به قوم ويسعد به قوم آخرون ، فمن قال درست فهو شقي ومن تبين له الحق فهو سعيد .

تفسير ابن كثير سورة الأنعام الآية 105

وقوله : ( وكذلك نصرف الآيات ) أي : وكما فصلنا الآيات في هذه السورة ، من بيان التوحيد وأنه لا إله إلا هو ، هكذا نوضح الآيات ونفسرها ونبينها في كل موطن لجهالة الجاهلين ، وليقول المشركون والكافرون المكذبون : دارست يا محمد من قبلك من أهل الكتاب وقارأتهم وتعلمت منهم .
هكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وغيرهم .
وقد قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن كيسان ، سمعت ابن عباس يقرأ : ( دارست ) تلوت ، خاصمت ، جادلت .
وهذا كما قال تعالى إخبارا عن كذبهم وعنادهم : ( وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) [ الفرقان : 4 ، 5 ] ، وقال تعالى إخبارا عن زعيمهم وكاذبهم : ( إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر ) [ المدثر : 18 - 25 ] .
وقوله : ( ولنبينه لقوم يعلمون ) أي : ولنوضحه لقوم يعلمون - الحق فيتبعونه ، والباطل فيجتنبونه . فلله تعالى الحكمة البالغة في إضلال أولئك ، وبيان الحق لهؤلاء . كما قال تعالى : ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين ) [ البقرة : 26 ] ، وقال تعالى : ( ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد ) [ الحج : 53 ] وقال تعالى : ( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو ) [ المدثر : 31 ] .
وقال تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) [ الإسراء : 82 ] وقال تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ) [ فصلت : 44 ] ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى أنزل القرآن هدى للمتقين ، وأنه يضل به من يشاء ويهدي به من يشاء ، ولهذا قال هاهنا : ( وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون ) وقرأ بعضهم : ( وليقولوا درست ) .
قال التميمي ، عن ابن عباس : " درست " أي : قرأت وتعلمت . وكذا قال مجاهد ، والسدي والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، قال الحسن : " وليقولوا درست " ، يقول : تقادمت وانمحت . وقال عبد الرزاق أيضا : أنبأنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، سمعت ابن الزبير يقول : إن صبيانا يقرءون هاهنا : " درست " ، وإنما هي : " درست "
وقال شعبة : حدثنا أبو إسحاق الهمداني قال في قراءة ابن مسعود : " درست " بغير ألف ، بنصب السين ووقف على التاء .
وقال ابن جرير : ومعناه انمحت وتقادمت ، أي : إن هذا الذي تتلوه علينا قد مر بنا قديما ، وتطاولت مدته .
وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة أنه قرأها : " درست " أي : قرئت وتعلمت .
وقال معمر ، عن قتادة : " درست " : قرئت . وفي حرف ابن مسعود " درس "
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : حدثنا حجاج ، عن هارون قال : هي في حرف أبي بن كعب وابن مسعود : " وليقولوا درس " قال : يعنون النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ .
وهذا غريب ، فقد روي عن أبي بن كعب خلاف هذا ، قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا الحسن بن الليث ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا أحمد بن أبي بزة المكي ، حدثنا وهب بن زمعة ، عن أبيه ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وليقولوا درست ) .
ورواه الحاكم في مستدركه ، من حديث وهب بن زمعة ، وقال : يعني بجزم السين ، ونصب التاء ، ثم قال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

تفسير الطبري سورة الأنعام الآية 105

القول في تأويل قوله تعالى : وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: كما صرفت لكم، أيها الناس، الآيات والحجج في هذه السورة، وبينتها, فعرفتكموها، (29) في توحيدي وتصديق رسولي وكتابي ووقَّفتكم عليها, (30) فكذلك أبيِّن لكم آياتي وحججي في كل ما جهلتموه فلم تعرفوه من أمري ونهيي ، كما:-
13705- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وكذلك نصرف الآيات "، لهؤلاء العادلين بربهم, كما صرفتها في هذه السورة, ولئلا يقولوا: درسْتَ .
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قَرَأة أهل المدينة والكوفة: ( وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ )، يعني: قرأت، أنت، يا محمد، بغير " ألف " .
* * *
وقرأ ذلك جماعة من المتقدمين، منهم ابن عباس، على اختلاف عنه فيه, وغيرُه وجماعة من التابعين, وهو قراءة بعض قَرَأة أهل البصرة: " وَلِيَقُولُوا دَارَسْتَ"، بألف, بمعنى: قارأت وتعلمت من أهل الكتاب .
* * *
وروى عن قتادة: أنه كان يقرؤه: " دُرِسَتْ"، بمعنى: قرئت وتليت . (31)
* * *
وعن الحسن أنه كان يقرؤه: " دَرَسَتْ"، بمعنى: انمحت . (32)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب، قراءة من قرأه: ( وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ )، بتأويل: قرأتَ وتعلمت; لأن المشركين كذلك كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخبر الله عن قيلهم ذلك بقوله: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ [سورة النحل: 103]. فهذا خبرٌ من الله ينبئ عنهم أنهم كانوا يقولون: إنما يتعلم محمد ما يأتيكم به من غيره . فإذ كان ذلك كذلك, فقراءة: ( وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ )، يا محمد, بمعنى: تعلمت من أهل الكتاب, أشبهُ بالحق، وأولى بالصواب من قراءة من قرأه: " دارسْتَ"، بمعنى: قارأتهم وخاصمتهم, وغير ذلك من القراءات .
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، على قدر اختلاف القرأة في قراءته . (33)
* ذكر من قرأ ذلك: ( وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ )، من المتقدمين, وتأويله بمعنى: تعلمت وقرأت .
13706- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح قال، حدثنا علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: (وليقولوا درست)، قالوا: قرأت وتعلمت. تقول ذلك قريش .
13707- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد: (وليقولوا درست) قال: قرأت وتعلمت .
13708- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن إسرائيل وافقه, عن أبي إسحاق, عن التميمي, عن ابن عباس: (وليقولوا درست)، قال: قرأت وتعلمت .
13709- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وليقولوا درست)، يقول: قرأت الكتب .
13710- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنى عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (درست)، يقول: تعلمت وقرأت .
13711- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية قال، حدثنا إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن التميمي, قال: قلت لابن عباس: أرأيت قوله: (درست)؟ قال: قرأت وتعلمت .
13712- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن أبي إسحاق, عن التميمي, عن ابن عباس, مثله .
* * *
* ذكر من قرأ ذلك (دَارَسْتَ)، وتأوله بمعنى: جادلت، من المتقدمين .
13713- حدثنا عمران بن موسى قال، حدثنا عبد الوارث, عن حميد, عن مجاهد, عن ابن عباس: " دارست "، يقول: قارأت .
13714- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية, عن أيوب, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, أنه كان يقرؤها: " وَلِيَقُولُوا دَارَسْتَ"، أحسبه قال: قارأت أهل الكتاب .
13715- حدثني محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن التميمي, عن ابن عباس: " وليقولوا دارست "، قال: قارأت وتعلمت .
13716- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة, عن أبي إسحاق قال، سمعت التميمي يقول: سألت ابن عباس عن قوله: " وليقولوا دارست "، قال: قارأت وتعلَّمت .
13717- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن علية, عن أبي المعلى, عن سعيد بن جبير قال، كان ابن عباس يقرؤها: " دَارَسْتَ" .
13718- حدثنا المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا أبو المعلى قال، سمعت سعيد بن جبير يقول: كان ابن عباس يقرأ: " دَارَسْتَ"، بالألف, بجزم السين، ونصب التاء .
13719- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة, عن عمرو بن دينار قال، أخبرني عمرو بن كيسان: أن ابن عباس كان يقرأ: " دَارَسْتَ"، تلوت, خاصمت, جادلت .
13720- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا سفيان بن عيينة, عن عمرو بن دينار, عن عمرو بن كيسان, قال ابن عباس في: " دارست "، قال: تلوت, خاصمت, جادلت .
13721- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير في هذه الآية: " وليقولوا دارست "، قال: قارأت .
13722- حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا أبو بشر, عن سعيد بن جبير أنه قرأ: " دَارَسْتَ"، بالألف أيضًا، منتصبة التاء, وقال: قارأت .
13723- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا أبو عوانة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير أنه قرأ: " دَارَسْتَ"، أي: ناسخت .
13724- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: " دارست "، قال: فاقهت، قرأت على يهود، وقرءوا عليك .
13725- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " وليقولوا دارست "، قال: قارأت, قرأت على يهود، وقرءوا عليك .
13726- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم, عن جويبر, عن الضحاك في قوله: " دارست "، يعني، أهلَ الكتاب .
13727- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " دارست "، قال: قرأت على يهود, وقرءوا عليك .
13728- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس في قوله: " وليقولوا دارست "، قال: قالوا دارستَ أهل الكتاب, وقرأت الكتب وتعلَّمتها .
* * *
* ذكر من قرأ ذلك: " دُرِسَتْ" بمعنى: تُليت، وقُرِئت, (34) على وجه ما لم يسمَّ فاعله.
13729- حدثنا عمران بن موسى القزاز قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال، حدثنا الحسين المعلم وسعيد, عن قتادة: " وكذلك نصرف الآيات وليقولوا دُرِسَتْ"، أي: قرئت وتعلمت .
13730- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر قال، قال قتادة: " دُرِست "، قرئت = وفي حرف ابن مسعود: " دَرَسَ" .
* * *
ذكر من قال ذلك: " دَرَسَتْ" بمعنى: انمحت وتقادمت، أي هذا الذي تتلوه علينا قد مرَّ بنا قديمًا، وتطاولت مدته. (35)
13731- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: كان الحسن يقرأ: " وَلِيَقُولُوا دَرَسَتْ"، أي: انمحت .
13732- حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا أبو إسحاق الهمداني قال: في قراءة ابن مسعود: " دَرَسَتْ"، بغير ألف, بنصب السين، ووقف التاء . (36)
13733- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة, عن عمرو بن دينار قال، سمعت ابن الزبير يقول: إن صبيانًا ههنا يقرؤون: " دَارَسْتَ" وإنما هي" دَرَسَتْ" .
13734- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمرقال: قال الحسن: " وليقولوا دَرَسَتْ": يقول: تقادمت وانمحت .
* * *
وقرأ ذلك آخرون: " دَرَسَ", من " درس الشيء "، تلاه .
13735- حدثني أحمد بن يوسف الثعلبي قال، حدثنا أبو عبيدة قال، حدثنا حجاج, عن هارون قال: هي في حرف أبي بن كعب وابن مسعود: " وَلِيَقُولُوا دَرَسَ"، قال: يعني النبي صلى الله عليه وسلم، قرَأ .
* * *
وإنما جاز أن يقال مرة: " دَرَسْتَ", ومرة " دَرَسَ", فيخاطب مرة، ويخبر مرة, من أجل القول .
* * *
قال أبو جعفر: وقد بينا أولى هذه القراءات في ذلك الصواب عندنا, والدلالة على صحة ما اخترنا منها .
* * *
وأما تأويل قوله: " ولنبينه لقوم يعلمون "، يقول تعالى ذكره: كما صرفنا الآيات والعبر والحجج في هذه السورة لهؤلاء العادلين بربهم الآلهة والأنداد, كذلك نصرف لهم الآيات في غيرها, كيلا يقولوا لرسولنا الذي أرسلناه إليهم: " إنما تعلمت ما تأتينا به تتلوه علينا من أهل الكتاب ", فينـزجروا عن تكذيبهم إياه، وتقوُّلهم عليه الإفك والزور, ولنبين بتصريفنا الآيات الحقَّ، لقوم يعلمون الحق إذا تبيَّن لهم فيتبعوه ويقبلوه, وليسوا كمن إذا بُيِّن لهم عَمُوا عنه فلم يعقلوه، وازدادوا من الفهم به بعدًا . (37)
--------------------
الهوامش :
(29) انظر تفسير (( تصريف الآيات )) فيما سلف 11 : 433 : 1 ، والمراجع هناك .
(30) في المطبوعة : (( ووصيتكم عليها )) ، وهو لا معنى له ، صوابه في المخطوطة ، وإن كانت سيئة الكتابة .
(31) في المطبوعة : (( قرأت وتليت )) ، وهو خطأ ، والصواب ما في المخطوطة . وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 349 .
(32) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 349 ، وفسره بقوله : (( تقادمت ، أي : هذا الذي تتلوه علينا شيء قد تطاول ، ومر بنا )) .
(33) انظر تفسير (( الدرس )) فيما سلف 6 : 544 - 546 .
(34) في المخطوطة والمطبوعة : (( نبئت )) ، وهو خطأ محض ، صوابه ما أثبت ، كما سلف ، ص : 26 س : 9 .
(35) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 349 .
(36) (( الوقف )) في اصطلاحهم قديمًا ، هو (( السكون )) عند النحويين .
(37) في المطبوعة والمخطوطة : (( من الفهم به )) ، والسياق يقتضي ما أثبت .